بين لبنان وهايتي
| 23.01,10. 07:11 AM |
بين لبنان وهايتي
رامي الريس
تخطت الماساة الانسانية التي زلزت هايتي كل ما عداها من أحداث وتطورات سياسية هذا الاسبوع. فمشهد الدمار الشامل والانقاض والارقام التي تؤشر على وفاة مئات الآلاف من السكان والاهالي يجعل مسألة طرح تساؤلات كبرى تتصل بالوجود وحدوده بالقياس الى قدرات الطبيعة وغضبها مسألة مشروعة تماماً.
كما أن التحرك الدولي السريع، ولو لم يكن منظماً، أعطى مثالاً أن الانسانية تبقى متشاركة في المحطات الكبرى بمعزل عن المصالح والحسابات التي تفرق بين الشعوب وتقيم الحواجز السياسية والنفسية والاقتصادية والاجتماعية فيما بينها.
مهما يكن من أمر، فإن الحياة تستمر رغم فداحة الفاجعة. فها هو لبنان يشهد زحمة موفدين من كل الاتجاهات ويبادر في الوقت ذاته للتواصل مع الدول العربية والاجنبية، فيما تتزاحم الملفات التي تراكمت مشاكلها بفعل حالات التعطيل السابق الذي إتخذ أشكالاً متعددة وفاقمه الانقسام السياسي العامودي الذي طاول كل أسس ومرتكزات المجتمع السياسي اللبناني.
فمن التعيينات الادارية مروراً بالانتخابات البلدية وصولاً لتأليف الهيئة الوطنية لالغاء الطائفية السياسية، تتعالى الاصوات المعترضة من هنا وهناك حول هذا الملف وذاك. بعضهم يريد إنتاج آلية للتعيينات في مبارزة حول المبادىء والقيم لملف سينتهي بمحاصصة واضحة وصريحة، فلماذا لا نقر بالشكل ونرفع مستوى الكفاءة لدى المرشحين.
والبعض الآخر يريد سلفاً تطويب الانتخابات البلدية لصالحه فيما هي إستحقاق أهلي محلي تتداخل فيه الاعتبارات العائلية والمحلية بشكل لا يتلاءم مع مصالح الاطراف السياسية، لا بل إنه يجعل تدخله فيها بمثابة سطوة على هذا الاستحقاق الديمقراطي التنموي الهام.
والبعض الآخر ينتفض رفضاً لهيئة مهمتها البحث في الغاء الطائفية السياسية نص الدستور اللبناني على تشكيلها وهي المطلوب منها إتخاذ الخطوات الكفيلة بالتوصل الى هذا الهدف الوطني العريض، وهو هدف توارثته الاجيال السياسية دون أن تحقق أي تقدم فيه؟
طرحت الكثير من التساؤلات حول توقيت الطرح ومدى توافقه مع الظروف العامة التي تمر بها البلاد. فمتى يكون الظرف مناسباً؟ هذا البلد يعيش على منذ نشأته على أن "الظروف دقيقة وحساسة وغير ملائمة"! فلن يكون هناك منطقياً اي توقيت يلاءم كل الاطراف وحساباتها. الحل بالذهاب نحو نقاش هادىء لالغاء الطائفية السياسية في إطار الهيئة وليس في الاعلام وعلى المنابر بحيث يتاح لكل فريق أن يضع هواجسه على الطاولة لمناقشتها.
ألم يكن من الافضل الاستمرار في الكلام عن هايتي رغم هول المأساة هناك؟
لبنان بدوره يعيش مأساة النفوس المريضة، وهذه تفوق بفداحتها كارثة هايتي!
* مفوض الإعلام في الحزب التقدمي الإشتراكي – رئيس تحرير جريدة الأنباء